بناءً على هذه المذكرة الداخلية المسربة، تقوم لجنة الإعلام التابعة لداعش حالياً بالإعداد لحملة إعلامية جديدة (“وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة”) تسعى من خلالها إلى تجديد حملة الهجوم العالمية الفاشلة الأخيرة (أوائل يناير 2024; واقتلوهم حيث ثقفتموهم) ، وإعادة تركيز جهود داعش على فلسطين / القدس / غزة، وإستعادة درجة من النفوذ على الصراع الذي أخذ قيادتهم وإعلامهم على حين غرة . منذ فترة تم تحدي داعش بشأن موقفه من الصراع بين إسرائيل وحماس منذ 7 أكتوبر 2023؛ جغرافياً هذا موضوع عاطفي حيث التعاطف مع المسلمين ضد القوى العظمى و “حملتهم الصليبية” للنفوذ في المنطقة واضح. لكن التحدي الذي يواجهه داعش هو أكثر وأكبر أهمية، حيث يمثل منافسة وجودية للسيطرة كمنظمة إرهابية عابرة للحدود ذات صلة، ويتنافس مع التزاوج الاستراتيجي في معالجة الدعم المعتدل لحماس (وكيل وقوة تابعة لإيران الشيعية وكيان سياسي) على حد سواء . وبالتالي فإن أي محاولات للاستثمار أو المساهمة في النزاع فهي متأخرة وغير منسجمة، وتخدم فقط تعزيز انخفاض تأثير داعش وبلوغه الشرق الأوسط الأوسع.
من خلال إصدارات النبا الأسبوعية، كافحت لجنة الاعلام لتوضيح موقف داعش من الصراع بين إسرائيل وغزة، إذ أُجبر على الحفاظ على رواية غير واضحة/ثالثية تدعم فقط محنة المسلمين. في العدد 412 (12 أكتوبر 2024) سعوا إلى الادعاء بأن الجهاد واجب ديني في جميع أنحاء العالم، امّا العدد 413 (19 أكتوبر 2023) فكان أكثر تحديداً، وحثّ أتباع التنظيم على مهاجمة المصالح اليهودية / الغربية / العربية المرتدة؛ ولم يذكر صراحة حماس أو غزة. إستغرق الأمر حتى 4 يناير 2024 (89 يوماً بعد بدء النزاع) الى ان أصدر أبو حذيفة (المتحدث باسم داعش) بياناً نيابة عن أبو حفص (الخليفة) للتعليق رسمياً على النزاع. الواضح من هذه المذكرة المسربة أن داعش يحاول مجدداً فرض نفسه كقوة جهادية مهيمنة تحارب لإستعادة القدس . مرة أخرى، لم يذكروا حماس بالاسم ولكن فقط من خلال الإشارة إلى فشل عقيدتي “القومية والوطنية”. يبدو أن داعش مضطر لإعادة التأكيد لأعضائه على تفوقهم وأهدافهم، في مواجهة حملة حماس ودعايتها الناجحة للغاية.
من جديد، فإن نبرة هذه المذكرة تظهر وبشكل واضح عن ضعف التنظيم المتزايد وذعرهم المتزايد في مواجهة نشاط إيران المتنامي والنفوذ الشيعي المتزايد في جميع أنحاء الشرق الأوسط. المأزق الذي وجد داعش نفسه فيه انه يواجه مجموعة مسلحة ناجحة للغاية تمتد إلى الجانب الآخر من الطيف الإيديولوجي الجهادي وهو امر مؤلم لهم للمشاهدة . فلا يمكنهم أن يثنوا على هجوم 7 أكتوبر ضد إسرائيل (بالتأكيد هم يحتفلون بالنتائج) وهم غير قادرين, بسبب ضعفهم, على منافسة رواية حماس على الإنترنت من أجل لفت الانظار فقد انزلقوا إلى الخفاء وراء منافسيهم في الجهاد.