منذ تشرين الثاني في 2023 كنا نصف الورطة المالية لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب والتحدي الذي يواجه كبرى قيادات التنظيم للحفاظ على المعنويات وماء الوجه.
حتى الآن ما زلنا نقيم بأن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب مجرد لاعب ثلاثياً فقط في اليمن ويصارع التنظيم أن يباري بالضغط العسكري دون ان يدعم مقاتلية مادياً، ناهيك عن قوته التي باءت تضعف والتي يتم استغلالها من قبل منظومة إيكولوجية أقوى.
ليس هناك مثال أفضل يعبر عن هذا المأزق من مقتل الأخير خالد بطرفي الذي كان أمير تنظيم القاعدة في جزيرة العرب منذ أنّ تم هلاك الأمير السابق خلال كانون 2020 ومنذها تم تعيين بطرفي أمير وكانت تدور إشاعات عن سوء صحته وعدم قدرته على التعامل مع المشاكل الرئيسية للتنظيم التي كان سببها الرئيسي فراغ قيادة الكبرى. بالرغم من أن إعلان مقتله في يوم 10 مارس 2024 لم يؤكد التاريخ الحقيقي من مقتله الأمر الذي قد كان يلهب مضاربات أنه ما حدث على الأرجح قبل أشهر ومن الجدير بالذكر أنه تم مشاهدته للمرة الأخيرة علناً خلال شهر سباط 2023.
من المحتمل أن قلة فقط تعرف عن مقتل اليد الخفية لخالد بطرفي والذي يدعى خالد زيدان وهو إبن سيف العدل الأمير الفعلي لتنظيم القاعدة المقيم في إيران. وقد ابلغت مصادر قبلية أنه مات في 14 مارس 2024 بعد أنّ كاد ينجو من حريق في بيت عائلته حيث مات بسبب اصابات ناجمة عن حروق في جسده واستنشاق الدخان. لا تزال ظروف الحريق غامضة وعلى الرغم من وجود تقارير عن زيادة القصف من قبل الحوثيين ضد مواقع تنظيم القاعدة في البيضاء (بما في ذلك بيان تحدي في يوم 23 مارس 2024) إلا أنه لا يزال أكثر احتمال سبب هذا الحريق انه كان متعلقاً بالهيكل المترهل للمبنى. اثناء علاجه اصر زيدان أنه لم يرد من أي شخص التعرف على هويته وبصراحة لم نتمكن إلا من الحصول على صورة مسرية تم القاطها بعد وفاته.
بعث من إيران إلى اليمن من أجل تأكيد السيطرة على تنظيم القاعدة في جزيرة العرب. وبدأ نفوذه أن يتزايد بشكل كبير في شهر تموز 2022 وتحديداً بعد وفاة أيمن الظواهري والتعيين اللاحق لسيف العدل من لجنة حتين إلى الأمير العام لتنظيم القاعدة. كان الرابط العائلي بين زيدان والعدل بمثابة مصدر رئيسي للتنسيق بين التشكيلات التابعة لتنظيم القاعدة وبفضل الموقع الجغرافي لليمن لقد أثبت زيدان أنه محورمهم بين حركة الشباب من الصومال وحراس الدين من سوريا وتنظيم القاعدة في المغرب الذي يتواجد ايضا في منطقة الساحل ووفّر ذلك الرابط العائلي إيران بمنفذ مفيد على الأرض داخل اليمن الأمر الذي ربما كان قوة دافعة وراء التحالف المتزايد لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب مع الحوثيين.
طبعاً العلاقة بين القاعدة والحوثيين يمكن أن تكون مفيدة لإبراز النفوذ الإيراني في الخارج غير أنه جميع أشكال الدولة الشيعية تتعارض مع الأيديولوجيات السنية التي يتخذها التنظيم وبصراحة هذه العلاقات تتعارض مع استراتجياتها الشامالة. ولقد اشارت تسريبات مستمرة النطاق الواسع من هذه العلاقة التي تشكل تهديداً للحوثيين وإيران وتنظيم القاعدة في جزيرة العرب بل أجبرت هذه الأطراف رفض التعاون بصورة علنة لكي تجنب أزمة.
في قصة رجلين يدعان خالد يمثل موتهما المتوافق حقبة في مسار اليمن. المدعو سعد عاطف يصعد ليحل محل بطرفي كأمير وهو يرث مجموعة مخفوفة بالمشاكل والمتاعب والتحديات ولديه التفويض لتركيز انتباهه على المسائل الداخلية من أجل إعادة بناء الثقة من الأفراد في التنظيم. إلا أنه بالنسبة لزيدان لا يمكن إجراء مثل ذلك الاستبدال وبالتالي يشكل ذلك حرمان القيادة الكبرى من تنظيم القاعدة وإيران من محور رئيسي في اليمن.
ولهذا السبب استنتجنا تقييمنا إلى النتائج الثلاثة التالية:
- يؤدي فقدان التأثير البعيد لإيران وتنظيم القاعدة عن طريق زيدان إلى الحرس الثوري الإسلامي ان يسعى إلى زرع طرق الوصول إلى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب من خلال مستشارين بالإضافة إلى تبادل المعلومات الاستخباراتية والأسلحة.
- التركيز الداخلي لعاطف بالمقارنة مع سلفه يشجعه على رؤية الفائدة من إبرام المزيد من الاتفاقيات مع الحوثيين وتمديد وقف إطلاق النار بين المجموعتين وتسهيل استهداف المصالح
- بدون تأثير زيدان وعلى إثر التعيين الجديد من العولقي فيستطيع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب أن يؤسس مسار أكثر سري من إيران وتنظيم القاعدة إلى اليمن الذي يخدم مصالح عناصرها اليمنيين بسكل أفضل.